العباس بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم

إن هذا البحث الذي بين أيدينا يحوي حديثاً طيباً عن نفس طيبة زكية، آمنت بيقين وانقادت باختيار، وأحلَّت حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سويدائها، وكان حبها عملاً واتباعاً، وقد صاغت حياتها وفق المنهج الإلهي الرباني القرآني النبوي، وأسهمت في بناء المسيرة الإسلامية التي بناها الباني الأول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

إنه الحديث عن شخصية عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم العباس رضي الله عنه، هذه الشخصية المظلومة والمهضوم حقها في مجال التأليف.

وقد تتبعت قدر جهدي ووسع طاقتي في هذا البحث سيرة عم النبي العباس رضي الله عنه ومسيرته منذ ولادته حتى وفاته مروراً بحياته في بيته وأسرته من حيث نسبه وأبنائه وإخوته، معرجاً على حياته في مكة متتبعاً بعض فصولها من نحو حصاره في الشعب، وموقفه يوم العقبة، ومشاركته مكرهاً في بدر، ثم حياته في المدينة، مسلطاً الأضواء على توقيت إسلامه وما ورد فيه من أقوال وما طرأ عليه من استشكالات شكَّلت لغزاً يصعب فهمه أحياناً، ثم هجرته ومشاهده في ميادين الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم موقفه من بيعة الصديق والخلفاء بعده رضي الله عنه ، متلواً بالحديث عن ظلال شخصيته من نحو: مكانته وفضائله ما صحَّ منها وما لم يصح، وكذا صفاته الخُلقية، ومعالم شخصيته، وروايته وفقهه وأشعاره وبلاغته، إلى غير ذلك من مشتملات سيرته رضي الله عنه ، خاتماً بحثي بفصل كامل عن أهم الاستشكالات والشبهات التي لحقت أو قد تلحق به رضي الله عنه.        

إن حياة العباس صفحة مشرقة من صفحات تاريخنا الإسلامي الذي بهر كل تاريخ وفاقه، ولم تحوِ تواريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة في سبيل الله، ولذلك قمت بتتبع أخباره وحياته وعصره في المصادر والمراجع واستخرجتها من بطون الكتب وقمت بترتيبها وتنسيقها وتوثيقها وتحليلها قدر المستطاع لكي تصبح في متناول الدعاة والخطباء والعلماء وطلاب العلم وعامة الناس لعلهم يستفيدون منها في حياتهم ويقتدون بها في أعمالهم فيكرمهم الله بالفوز في الدارين.

من مقدمة المؤلف