الصحابة والقرابة في القرآن الكريم

الصحابة والقرابة في القرآن الكريم
شارك :
لا شك أن للصحابة والقرابة منزلةً خاصة عند المسلمين على مستويات عدَّة. سواء من الناحية السلوكية التربوية ؛ أم من الناحية العلمية المعرفية. ولمّا كان هذا الموضوع على ذلك القدر من الأهمية؛ فقد اهتمّ العلماء من جميع الاتجاهات والتخصصات ؛ اهتمامًا كبيرًا بدارسة ذلك الموضوع ، من ناحية التأسيس النظري لمفهوم الصحابة والقرابة ، وما يتعلق بهم من صفاتٍ وخصائصَ مميزة ، ومن ناحية التطبيق والتفريع، سواء في الاعتقاد أم الفقه أم الأصول أم التفسير أم الحديث أم السلوك ، وغير ذلك. ولا شكَّ أن الأساس النظري لقضية الصحابة وأهل البيت هو الجوهر الحقيقي لذلك الموضوع، وبخاصة ما يتعلق بالصحابة والقرابة في بيئة النصِّ القرآني نفسِه ، بحيث يكون الانطلاقُ في تأسيس الموضوع من القرآن الكريم، ثم ينبني عليه سائر الأبحاث، لا العكس، فإن هذا في رأينا، بما يمثِّلُه القرآنُ الكريم من مرجعيةٍ متفقٍ عليها بين جميع أهل القبلة؛ سيجلّي كثيرًا من الحقائق، ويضيِّق مجالاتِ الخلاف التي تقع بين العلماء حول قضايا الصحابة وأهل البيت. فقد ورد في القرآن الكريم الكثيرُ من الآيات المتعلقة بالصحابة، سواء بالعموم، أم في أصناف خاصة منهم، كالسابقين الأولين، أو أهل بيعة الرضوان، أو بدر، أو أحد، وكذلك وردت آيات متعلقة بأهل البيت، عمومًا، وخصوصًا كبعض أعيانهم وكأمهات المؤمنين. تناولت الآيات الكريمة منازل هؤلاء الأصناف جميعًا، وصفاتِهم، وأنواع سلوكهم، من الله عالم السر وأخفى، بصورة تبرز صفاتِهم البشرية والدينية على حد سواء، في صدقٍ وتوازن، وعدلٍ مطلق. ومن هذا المنطلق : يتوخّى البحث الذي بين يديك أن ينظر نظرة فاحصة في تلك الحصيلة النصية الكبيرة من آيات القرآن الكريم، ويحللها بصورة موضوعية، معتمدًا على التفاسير المقبولة المعروفة، ويرجح ما يحتاج منها إلى ترجيح، ويبين الفهم الصحيح لها، ويردّ الدلالات الباطلة التي لا تحتملها الآيات، ويناقش ما يحتمل فيها من وجوه، كما يعرض لأسباب نزول القرآن التي تتعلق بالصحابة وأهل البيت، باحثًا ثبوتَها، ودلالاتِها.